الثلاثاء، 8 مايو 2012

جمالية الكتابة الدرامية في المسرح المغربي


جمالية الكتابة الدرامية في المسرح المغربي

الكاتب الدكتور عبدالمجيد شكري

عرف المسرح المغربي نقلة نوعية من الاهتمام بالمضمون الفكري والبعد الإيديولوجي إلى الانتصار للبعد الجمالي الفني، ذلك أن تواتر التجارب المسرحية في اجترار فرجة تقوم على الطرح المباشر الذي يصل أحيانا درجة الخطابية والشعارية على حساب القناة الفنية والجمالية قلص من إبداعية الفعل المسرحي، لذلك جاء الاهتمام الجمالي إفرازا طبيعيا لهذا الطغيان الإيديولوجي.. وعكس الرغبة في إحلال فرجة مسرحية بديلة تولي الأهمية اللازمة للبعد الفني.
ولقد تجلى الاشتغال الجمالي في جملة من التمظهرات يمكن رصدها أساسا على مستوى مكون الفضاء المسرحي، وعلى مستوى الاشتغال التقني، وعلى مستوى لعب الممثل، ثم على مستوى الكتابة الدرامية. ويمكن رصد هذه المستويات الجمالية من خلال تجارب متميزة تنتمي إلى حقل مسرح الهواة، الذي اعتبر السؤال الجمالي من أهم قضاياه، خاصة ضمن أسئلة التجريب وخوض المشروع المسرحي الحداثي. وسنقف عند مكون الكتابة الدرامية، باعتباره المكون الأساس الذي ينهض عليه الإنجاز المسرحي، لتتبع الأشكال الكتابية التي ارتآها المؤلفون الدراميون أسسا جمالية في بنية النص المسرحي، واقترحوها في مجموعة من الكتابات الدرامية التي تم الاشتغال عليها في عروض لمسرح الهواة.
لعل أهم ما أفرزته مرحلة هيمنة المضمون الفكري والبعد الإيديولوجي في المسرح المغربي هو وجود زمرة من الكتاب الدراميين الذين سَمَوا بالكتابة المسرحية من منطلق ارتباطهم بشروط المرحلة وخصائصها، كما أن أسئلة ونقاشات التأصيل والتأسيس دعمت سيرورة ارتقاء ورقي النص المسرحي المغربي ومكنته من قطع أشواط مهمة أخرجته من براثين الاقتباس والمغربة التي قضى فيها مدة ليست بالقصيرة.
لقد انتعشت الكتابة الدرامية في مسرح الهواة من منطلق رفض هذا المسرح لمهادنة الإيديولوجية الرسمية حتى صارت ـ أي الكتابة الدرامية ـ عبارة عن نصوص مسرحية فاعلة تكسر أشكال الكتابة التقليدية وتقدم صياغة درامية تضع نصب أعينها الخشبة بكل خصائصها وخصوصياتها، فكانت النتيجة أن أتاحت هذه الأساليب الدرامية "ابتداع مسرح تركيبي جمع بين الكلمة والحركة، والإنارة والموسيقى، كما أنه يقوم على الحدث المسرحي ضمن منظومات جمالية تأخذ شكل لوحات وتركيبات إيحائية (...) وهذا ما جعل النص يفيض بشتى الرموز، وينحو إلى التجديد المطلق أحيانا"(1).
وفي دراسة للباحث المغربي حسن يوسفي لمسار النص المسرحي بالمغرب، تتبع مراحل التحول في الكتابة الدرامية المغربية من مرحلة أولية نعتها بـ"سلطة المحاكاة" التي أخذت ثلاثة تمظهرات أساسية هي المحاكاة الاحتمالية والمحاكاة الحقيقية والمحاكاة التصويرية؛ إلى مرحلة نضج الكتابة الدرامية التي نعتها بـ"أفق التمسرح" حيث برز الإدراك الواعي لحقيقة الفن عموما، والمسرح على الخصوص، وما استتبع ذلك من إدراك لخصوصية التمسرح باعتبارها قاعدة الإنجاز المسرحي في شقه النصي، إذ على أساسه "سنلاحظ أن الكتابة التي تجعل من التمسرح معطى إنجازيا تولي اهتماما كبيرا، أولا، للحكاية الممسرحة، وذلك عن طريق استيحائها من مادة تاريخية أو تراثية أو أسطورية، مع تقديمها باعتماد التقنية الغربية التي تركز على الجوانب التخييلية واللعبية للمسرح"(2).
لقد استطاع النص المسرحي المغربي ،إذن، أن يحقق تميزه وامتلاكه للتصور الفني للكتابة الدرامية قبل فترة الاهتمام الجمالي في المسرح المغربي، لذلك فإن ما سنقوم به في هذا الصدد ـ ونحن نتحدث عن جمالية الكتابة الدرامية باعتبارها إحدى تجليات البعد الجمالي في المسرح المغربي الهاوي ـ هو الحديث عن بعض الأشكال الجمالية الأخرى في كتابة النص المسرحي التي تؤكد التميز السابق، وتبرزه أكثر عبر مستويات إضافية، نجملها فيما يلي:

التركيب Synthèse:

يمكن اعتبار خاصية التركيب في النص المسرحي المغربي الهاوي مظهرا جماليا في الكتابة الدرامية من حيث كونه تجاوزا لنمط الكتابة الخطية التي تسير وفق التسلسل المنطقي للأحداث والوقائع، فالتركيب هو نوع من ممارسة الهدم والتفكيك لخطية الحكاية وسيرورتها الطبيعية التي تأخذ المتلقي ـ في العادة ـ إلى ممارسة فرجته بنوع من الاستهلاكية السلبية، أو التي تأخذه إلى الملل والمنطونية نظرا للحظات السقوط Chutes التي تعتري، في الغالب، نمط الكتابة الدرامية التقليدية القائمة على التسلسل.
إن التركيب يسمح بإدماج المتلقي في بناء مضمون / حكاية النص، والإمساك ببنياته الكبرى، كما أنه يسمح بخلق إيقاعية متنامية انطلاقا من الانتقالات الدينامية بين اللحظات الدرامية والبنيات الصراعية دون مراعاة التوالي والتسلسل، وانطلاقا من القفزات المنتظمة بين تجزيئات النص التي تبدو ـ ظاهريا ـ مفككة، لكنها تلتقي في التركيب النهائي الذي يراهن أساسا على مشاركة المتلقي في تجميع عناصر الحكاية وترتيب البنيات وإعادة توليف متواليات النص، وهي مشاركة تضع المتلقي بين لحظات الاسترخاء والتوتر حسب إيقاع العرض، وتجعله على مسافة متحولة بين الاقتراب والابتعاد من أجواء الحكاية. وهذه الثنائية في الاسترخاء والتوتر، والاقتراب والابتعاد هما ما يحفظ للمتلقي مكانته المركزية في إنتاج فرجة العرض، وهما أيضا ما يمنح الإنجاز المسرحي مقياس النجاح أو الإخفاق في تحقيق تواصل دلالي وأثر جمالي على مستوى التلقي.
ولعل أبرز نماذج النصوص المسرحية التي راهنت على التركيب خاصية في الكتابة هي مسرحية "ليلة بيضاء" التي قامت على بنية كتابية تتشكل من ثنائية الشوط والفاصلة. حيث نجد ثلاثة أشواط تحضر فيها الشخصيتان الرئيسيتان ش1 وش2، ويؤرخ كل شوط لمرحلة من مراحل الصراع والنقاش والمحاسبة بينهما، إذ خُصص الشوط الأول لش2 الخارج لتوه من السجن ولرؤيته للمدينة / الواقع القائمة على مبادئ الالتزام والنضال والتغيير، فيما خُصص الشوط الثاني لش1 الذي صوره غريمه على أنه خائن ومرتد، ولرؤيته للمدينة / الواقع القائمة على التسليم بقوة الأشياء التي تسير بالناس حيث تشاء ولا تستطيع قوة أي مبدأ إيقافها أو الصمود أمامها. بينما خُصص الشوط الثالث للتركيب بين الرؤيتين ورصد تصاعد التناقض والصراع بينهما، لينتهي توليفا مفاجئا يسلم بوجود الرؤيتين معا رغم تضاربهما، وتنتهي، بالتالي، ليلة المحاسبة والصراع إلى البياض واللافعل.
إلى هنا تبدو الكتابة الدرامية في "ليلة بيضاء" وكأنها عبارة عن أشواط متسلسلة تسير حسب تتابع الصراع وتناميه بين ش1و2، غير أن فاصلتين تتخللان الأشواط الثلاثة وتفكك بينها لتستدعي تركيبا ضروريا يستطيع استيعاب الأشواط والفاصلتين حتى يحدث التكامل في البنية العامة للنص. فالفاصلتان تتضمنان حكايتين مستقلتين هما حكاية بسيط والسيد، وحكاية السكيرين؛ وتبدو الحكايتان في استقلالهما منفصلتين عن صراع ش1 وش2، مما يعمق قوة التجزيء في مضمون النص والتفكك في بنياته، إلا أن خيطا رفيعا يربط حكاية كل فاصلة بمضمون الصراع والمحاسبة بين ش1 وش2، لأن حكاية بسيط والسيد تعتبر تجسيدا لرؤية ش2، وتأكيدا لمبادئ النضال التي التزم بها، كما أن حكاية السكيرين تعتبر تجسيدا لرؤية ش1 وتبريرا لارتداده الذي كشف له أن لا طائل من الاستمرار في النضال من أجل عالم لا يسكنه إلا السكارى. وبهذا تصبح الفاصلتان جوهرا مهما في التماسك الدلالي للأشواط الثلاثة، وتصبح البنية العامة للنص الدرامي تقوم على ضرورة التركيب بين كل عناصر النص سواء ما جاء شوطا أو ما جاء فاصلة، وهو تركيب يتمظهر بمستويات مختلفة، حيث نجد التركيب الأول الذي يجمع الأشواط الثلاثة فيما بينها، والتركيب الثاني الذي يجمع بين الفاصلتين، وأخيرا التركيب النهائي الذي يولف بين كل بنيات النص ومتوالياته ضمن كتابة درامية مُوَحِّدة؛ الشيء الذي منحنا شكلا جماليا إضافيا في الكتابة المسرحية يفتح المجال للرؤية الإخراجية كي تمارس فعاليتها بجمالية بصرية وتشكيلية موازية للتركيب النصي.
وجدير بالإشارة أن مسرحية "ليلة بيضاء" ليست هي النموذج الأوحد للتركيب باعتباره شكلا جماليا للكتابة الدرامية، فأغلب النصوص المسرحية التي زامنت "ليلة بيضاء" أو عاصرتها أو تلتها بزمن قريب يكاد التركيب يكون القاسم المشترك بينها على مستوى البنية الكتابية. ولا بأس أن نذكر في هذا السياق نصوص محمد قاوتي خاصة "اندحار الأوثان" و"نومانس لاند"، ومسرحية "تخريفة هرما عند اعبيدات الرما" لعبد المجيد سعد الله التي ما كانت لتكون نصا مسرحيا متميزا يستثمر الحكاية الشعبية وفضاء الحلقة لولا خاصية التركيب التي شكلت عصب الاشتغال النصي من جهة، وقاعدة فرجة العرض المتصاعدة الإيقاع من جهة ثانية.

الإعداد Adaptation:

يشكل الإعداد مظهرا آخر ينضاف إلى جماليات الكتابة الدرامية المغربية الحديثة، ويمكن اعتباره إفرازا لأشكال التطور والانتقال التي قطعها المسرح المغربي من سلطة المؤلف إلى سلطة المؤلف ـ المخرج وصولا إلى ما يمكن الاصطلاح عليه بسلطة المخرج ـ المؤلف، بحيث ارتبط الإعداد بالتصور الذي ينجزه المخرج حول النص الدرامي قبل تقديمه على الخشبة، وقد أفرز هذا التصور في التعامل مع النص المسرحي لجعله قابلا للعرض، جهازا مفاهيميا في الاشتغال المسرحي يضم مفهوم الإعداد الدراماتورجي، ومفهوم نص العرض، ثم مفهوم الكتابة الدرامية الذي يستجيب لهذا الاشتغال النصي أكثر من مفهوم النص المسرحي. وما يوحد هذه المفاهيم أن القاعدة النصية التي ينهض عليها الإنجاز المسرحي أصبحت ـ في إطار هذا التصور ـ عبارة عن "كتابة درامية" تعتمد "الإعداد الدراماتورجي" لتهييئ "نص العرض"، إنها اشتغال على نص موجود سلفا تعتريه عوائق ما (تقنية أو موضوعاتية) تمنعه من أن يقدم بالشكل الأصلي الذي يوجد عليه على خشبة المسرح، لذلك يستوجب إعادة كتابته كتابة درامية تعدّه إعدادا دراماتورجيا حتى يصير نصا قابلا للعرض.
وقد ازدهرت التجارب المسرحية التي راهنت على الإعداد أساسا في كتابتها الدرامية بتطور وحركية الإخراج وتوسع آفاق الرؤى الإخراجية التي لم تعد مجرد ترجمة للنص المسرحي، بل سعت لأن تكون رؤى إخراجية تمارس انزياحها الإبداعي على النص الأولي / الأصلي.
وعلى تعدد التجارب المسرحية المغربية التي قامت كتاباتها الدرامية على تقنية الإعداد، فإنه بالإمكان التمييز بين ثلاث طرائق لممارسة هذا الإعداد:

1. الإعداد عن نص مسرحي عالمي:

ويتجلى في الكتابات الدرامية التي تنطلق من نصوص مسرحية تنتمي إلى المسرح العالمي، فتعمد إلى إعدادها بطريقة تجعلها تستجيب للخصوصية المحلية، فيكون الهدف الأول من الإعداد هو تبييء النص الأصلي وتذويبه في معطيات خاصة تلتصق بالبيئة المحلية سواء على المستوى الموضوعاتي الذي يأتي في الاعتبار الأول حتى يكون نصا مستساغا من طرف المتلقي قادرا على أن يحقق تواصله التام معه، أو على المستوى الشكلي التقني الذي يسمح بتقديم فرجة متميزة معرفيا وجماليا. وقد وجد مجموعة من المسرحيين الهواة ضالتهم المعرفية والجمالية في النص المسرحي العالمي، غير أنه مكتوب بمواصفات ومواضعات لا تستجيب دائما للخصوصية المحلية، فيكون الإعداد هو التقنية المثلى لجعله كتابة درامية تلتقي مع رؤية المخرج.
ومن الأعمال المسرحية التي قامت على إعدادٍ لنص مسرحي عالمي نذكر مسرحية "لعب الدراري" التي هي في الأصل إعداد لنص مسرحية "ليلة القتلة" للكاتب الكوبي خوسيه ترييانا، حيث تم الاشتغال عليها بالمحافظة على الموضوعة Thème الأساس للنص المتمثلة في جبروت واستبداد الآباء باعتبارهما صورة مصغرة لممارسة السلطة بنوع من الطغيان اللامتناهي، وتمت صياغتها وإعدادها من منظور إعادة تشكيل فكرة السلطة والاستبداد حسب تجليات عنفها وانعكاساتها السلبية في البيئة المحلية/المغربية، بحيث إذا كان الصراع الأصلي بين الآباء والأبناء الذين يستشعرون الظلم وينتفضون في شكل رد فعل عدواني يبدو عنفا عفويا لكنه في عمقه فعل ثوري، فإن الإعداد انطلق من فكرة السلطة الاستبدادية بوصفها فكرة كونية تتعدى الإطار الكوبي والصراع الأسري، واستثمرها بخصوصية البيئة المغربية التي لا تعرف تفشيا واضحا لظاهرة الصراع بين الآباء والأبناء بفعل الوازع الديني والدافع الأخلاقي الذي يجعل العلاقة بين الأبناء والآباء غير صراعية في الغالب، لذلك حافظ على فكرة الصراع ضد المتسلط وفكرة الفعل الثوري وأعاد صياغتهما في الإعداد من منطلق جعلهما إطارا لمناقشة قضية تبدو عامة وكونية وأعمق من صراع الأبناء والآباء. وبالتالي، تقديم هذه الفكرة ضمن صوغ فني يتواصل مع المتلقي وينفذ إلى وجدانه، وعلى هذا الأساس تم استبدال العنوان الأصلي (ليلة القتلة) بعنوان محلي محض (لعب الدراري)، واستبدال الشخصيات الأساسية للنص الأصلي ـ وهي "لالو" وأختيه "كوكا" و"ببا" ـ بشخصيات محلية وكلها ذكورية الجنس، وهي سعيد وصالح وإدريس، وهي الأسماء الحقيقية للممثلين الذين قدموا هذه الشخصيات. كما أن الإعداد طال الاشتغال التقني أيضا، وذلك بإعادة صياغة الفضاءات وترتيبها، حيث هدّم الإعداد الترتيب الأصلي للمشاهد وفضاءاتها، وأعاد ترتيبها وفق معطيات النص الجديد (المعد) الذي قام على حذف كل ما من شأنه أن يجعل المتلقي يحس وكأنه أمام نص بعيد عن وجدانه، سواء عن طريق طبيعة التأثيث لهذه الفضاءات أو عن طريق لباس الممثلين أو لغة العرض التي لم تكن مجرد ترجمة لكلام النص الأصلي، بل لغة تنبض بالمحلية وتحتوي على المقومات التي ترسخ النص في وجدان المتلقي.

2. الإعداد عن نص مسرحي عربي:

لقد كان للأسبقية الزمنية التي عرفها المسرح العربي بالمقارنة مع المسرح المغربي دور في افتتان المسرحيين المغاربة بأعمال مسرحية عربية عرفت تطورا ملحوظا وتشكلت كتيارات وعلامات بارزة في الفن المسرحي العربي سواء كأسماء أو كنصوص. ولذلك كانت تمارس تأثيرها على المسرحيين المغاربة وتستفز قرائحهم الإبداعية للتعامل مع نصوص عربية تجد لنفسها صدى متميزا لدى المتلقي المغربي في حال إعدادها وتقديمها بتقنية تقربها من وجدانه. وفي هذا الإطار اشتغلت مجموعة من الجمعيات والفرق على نصوص عربية لمؤلفين من عيار سعد الله ونوس وممدوح عدوان وصلاح عبد الصبور ومصطفى الحلاج وعبد الغفار مكاوي وغيرهم من الأسماء التي شكلت مسرحياتهم طفرة مهمة في النهوض بالفرجة المسرحية المغربية الهاوية.
ومن النماذج البارزة في هذا الصدد نذكر مثلا مسرحية "شهرزار" التي هي في الأصل إعداد عن مسرحية "حكايات الملوك" لممدوح عدوان، وهو إعداد اتجه إلى إعطاء هذا النص بُعده المحلي الذي يقربه من وجدان المتلقي المغربي، حيث عمد الإعداد إلى تغيير لغة النص من الفصحى إلى العامية المغربية مع الاحتفاظ ببعض الأجزاء باللغة العربية الفصحى، خاصة حوارات شهرزاد مع الجوقة ومع شهريار، ثم في لحظات حكيها للأحداث وصراعها مع مسرور السياف. وهو إعداد جعل العلاقة مع النص الأصلي علاقة موضوعاتية فقط نظرا لحفاظه على موضوعة السلطة والممنوع وما يتخللهما من مظاهر الظلم، في حين التجأ تقنيا لإعادة كتابة النص عن طريق إعداده وفق التشكيلات الجسدية لأفراد الجوقة وما صاحبها من تعبير سواء بالرقص أو بالتكوينات من جهة، ومن جهة أخرى حسب إيقاع الموسيقى والمؤثرات الصوتية التي كانت فاعلة بشكل واضح في طريقة تقطيع أحداث النص التي تم تركيبها من منظورين اثنين أحدهما يتجلى في الموضوعة الموحدة إذ أن الحكايات الثلاث تلتقي في موضوعة الظلم، وثانيهما يتمثل في اختيار الحكي والجوقة إطارا لإبراز تقاطع الحكايات وانصهار الأحداث بعضها ببعض في شخصية شهرزاد وكتابها "المشبوه" ألف ليلة وليلة.

3. الإعداد عن نص مسرحي مغربي:

قد يبدو الإعداد عن نص مغربي أمرا غريبا بعض الشيء لأن المؤلف المسرحي المغربي يكون عارفا بمتلقيه ووجدانه وخصوصيات بيئته، فما الداعي، إذن، لضرورة إعداد ما كتبه؟ يكون الداعي في الغالب أن ما كتبه هذا المؤلف المفترَض ينطلق من تصور يعوزه التفاعل التقني مع خصوصية الخشبة، ويظهر، بالتالي، أن ما كتبه محبوك بشكل جيد على مستوى اختيار الموضوعة وعلى مستوى صياغة الحوارات، لكنه على مستوى البنية الدرامية ينقصه اعتبار الركح وضروراته وإكراهاته أيضا. لذلك تكون الضرورة ملحة في إعداده دراماتورجيا حتى يكون قابلا للعرض دون عائق تقني. كما قد لا يكون الداعي نقصا في تقنية الكتابة أو اعتبار الخشبة، بل يعود الأمر بكل بساطة إلى إعجاب المخرج بالنص واقتناعه به، لكن الرؤية الإخراجية التي يمتلكها بصدده لا تتلاءم مع طبيعة وشكل كتابته، فيكون الإعداد جزءا من الإخراج، بحيث يعيد كتابته بما يوافق تصور الإخراج، وبذلك يكتب نص العرض.
ومن الأمثلة البارزة في هذا الإطار إعدادات عبد القادر اعبابو لنصوص المسكيني الصغير منذ مسرحية "الجندي والمثّال" حتى مسرحية "عودة عمر الخيام" مرورا بالمسرحيات "الجاحظ وتابعه الهيثم" و"رحلة السيد عيشور" و"الباب أربعة" ثم "أونامير"، منطلقا من كون الإعداد جزءا من الإخراج الجدلي، يقول عبد القادر اعبابو في هذا الصدد: "...وكل تعاملاتي مع هذه النصوص [يقصد نصوص المسرحيات السالفة الذكر] لم تكن على الإطلاق تعاملات عادية، بل كانت دائما نوعا من الاشتغال الدراماتورجي العميق والممنهج الذي يحفر في النصوص إبداعيا ويجادلها في كل مكوناتها البنيوية واللغوية والشخوصية والحدثية وغيرها ليؤسس نصا جديدا نسميه في منهجية الإخراج الجدلي نص العرض"(3).
فإذا أخذنا مثلا مسرحية "أونامير" فإنها إعداد لنص "الرجل الحصان"، وتبدو معالم الإعداد منذ العنوان حيث تم استبدال العنوان الأصلي بعنوان جديد، وحتى على مستوى تحديد نوع النص، فهناك اختلاف أيضا، ذلك أن المسكيني الصغير اعتبر "الرجل الحصان" نصا مسرحيا مؤلَّفا، فيما كتب عبد القادر اعبابو عن "أونامير" أنه "نص العرض" وأنه "التأليف الدراماتورجي"، وهو بمثابة ميثاقPacte دال على عملية الحفر الإبداعي التي تحدث عنها اعبابو في شهادته.
بعد هذا المستوى الظاهري المتعلق بالعنوان والتحديد للنوع، فإن الاشتغال الداخلي يبدو أعمق حتى إن المسافة بين النص الأصلي والنص الدراماتورجي أصبحت أكبر، يأتي في مقدمة هذا الاشتغال اختزال شخصيات النص الأصلي الكثيرة التي يبلغ عددها تسع شخصيات عدا الشخصيات الجماعية كأفراد الجوقة ورعاة البقر وشخصيات القرية؛ لقد تصرف نص العرض في هذه الشخصيات بالحذف والإضافة والتعديل. ويتمظهر اشتغال الإعداد أيضا على مستوى اللغة، حيث تم استبدال الفصحى في النص الأصلي بالعامية والأمازيغية أيضا في النص المعد، وفي هذا الانتقال اللغوي الكثير من الدلالات، منها أساسا أنه جعل مضمون النص موغلا في المحلية وأضفى طابع الأصالة الخاص على ما تم تحويله إلى الأمازيغية، وهو اشتغال ساعد على انتعاش العمل الإخراجي خاصة ما يتعلق بالجانب الموسيقي، إذ قدم العرض مجموعة من الوصلات الموسيقية الدالة بواسطة الغناء المغربي الشعبي الذي ينسجم مع خصوصية العامية، وبواسطة الموسيقى والغناء الأمازيغيين اللذين ينسجمان مع روح استعمال الأمازيغية. أما قيمة الإعداد الجمالية التي يبدو فيها الاشتغال الدراماتورجي وظيفيا في إبراز دور وأهمية استحضار الخشبة في تهييئ نص العرض، فتكمن في طريقة إعادة كتابة النص الأصلي لدرجة أن النص المعد أصبح وكأنه تأليف خالص لا تربطه بالنص الأصلي إلا موضوعة المضمون، وبالتالي فهو أكثر من مجرد إعداد دراماتورجي، بل إنه كتابة عن النص الأصلي Travail sur sujet خصوصا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار مسألة تغيير العنوان والتصرف في الشخصيات وتغيير لغة الحوار.
إن ما ميز طريقة كتابة الإعداد أنها عبارة عن مزاوجة متوازية بين الكتابة الدرامية للحوارات والكتابة الركحية للتصور الإخراجي، حيث جاء نص الإعداد عبارة عن تقطيع Découpage يتكون من تسع حركات، من الحركة الصفر إلى الحركة الثامنة، تتوالى بتنامي مأساة "أونامير" وما صاحبها من لحظات حزن وغيظ وهلوسات وهذيان وصل درجة الجنون عندما التبس الشخص بالحصان وصار الصهيل عدوى تسكن كل من اكتوى بالنار التي شبت في "أونامير" منذ أن نُزِع منه "الكمري" وركب رحلة الحب والجنون؛ وتضم كل حركة من الحركات النصية التسع مقاطع تحدد التحول الجزئي داخل الحركة الواحدة. وإلى جانب ذلك نجد الإعداد يدمج كل الإشارات الخاصة بالديكور والإضاءة كما لو أنها إرشادات ركحية من جنس الكتابة الدرامية، الشيء الذي جعل من مفهوم "نص العرض" مفهوما مكتملا، وأكد، بالتالي، أن الإعداد الدراماتورجي هو مفهوم محكوم بتصور مسبق لخصوصية الخشبة وخصائصها.

المسرحة Théâtralisation:

تعتبر المسرحة مظهرا آخر من مظاهر جمالية الكتابة الدرامية التي تؤكد سطوة المخرج ـ المؤلف، أي حضور الكتابة النصية التي تعتمد التصور المسبق للكتابة الركحية، فهي كتابة درامية تنطلق من الاشتغال على نصوص غير مكتوبة للمسرح في الأصل، وتعمد إلى تجاوز أدبية Littérarité هذه النصوص وتضمينها بخاصية التمسرح Théâtralité حتى تصير قابلة لأن تكون مادة نصية يقوم عليها الإنجاز المسرحي. إنها كتابة تشتغل على النص الشعري والسردي بشكليه القصصي والروائي، وتحوله إلى نص مُمَسرح قابل لأن يُعرض فوق الخشبة، وهذا لا يعني تضمين النص الأدبي (شعرا كان أو رواية) داخل العمل المسرحي، بل إن الأمر يتعلق بتذويب هذه النصوص في كلية الإنجاز المسرحي، بحيث تفقد استقلاليتها الذاتية / الأدبية باعتبارها قصيدة شعرية أو نصا روائيا، لتصير من جنس العمل المسرحي بكل خصوصياته الدرامية، فكل الفنون ـ كما يذهب إلى ذلك يان ميوكاروفسكي J.Mukarovskyـ تفقد خصائصها الذاتية عندما تنتسب إلى المسرح، حيث قال: "حالما تدخل هذه الفنون المستقلة المسرح تتخلى عن استقلاليتها،(...) باختصار إنها تنحل مندمجة بفن جديد موحد تماما"(4)، والأدب واحد من الفنون، لذلك يسري عليه أيضا شرط التذويب والاندماج، وفقدان الاستقلالية الذاتية/الأدبية، يقول ميوكاروفسكي بصدد حضور الأدب في المسرح على وجه الخصوص: "أما فيما يتعلق بالفنون الأخرى كالأدب، فلها مكانة في المسرح،(...) ولكن بذات الوقت حين يدخل في احتكاك مع المسرح يفقد شخصيته الحقيقية ويتغير جوهره"(5).
ولقد ازدهرت المسرحة في المسرح المغربي في الكثير من التجارب التي تنتمي إلى قطاعات مسرحية مختلفة، إذ على مستوى المسرح الاحترافي نجد أكثر من تجربة اشتغلت على النص الأدبي وعملت على مسرحته كما هو الشأن مثلا في مسرحية "الشمس تحتضر" لمسرح اليوم التي قامت على أشعار عبد اللطيف اللعبي، أو في مسرحية "الحجاب" لمسرح نون التي مسرحها كريم لفحل الشرقاوي عن رواية بنفس العنوان لحسن نجمي. كما نجد الاشتغال نفسه على مستوى المسرح الجامعي مثل مسرحية "وجدتك في هذا الأرخبيل" التي أعدها المرحوم محمد الكغاط عن رواية تحمل العنوان نفسه لمحمد السرغيني، وكذلك مسرحية "امرأة وحيدة" التي قدمها طلبة المعهد العالي للفن الدرامي والتنشيط الثقافي بالدورة الرابعة عشر للمسرح الجامعي بالدار البيضاء، وهي عبارة عن مسرحة لأشعار الشاعرة الإيرانية فروغ فروخزاد قام بإعدادها عبد المجيد الهواس.
وفي مجال مسرح الهواة نجد العديد من التجارب المسرحية التي قامت على أساس مسرحة النص الأدبي، منها ما لجأ إلى مسرحة الرواية مثل تجربة "المتشائل" لورشة الإبداع دراما من مراكش التي انطلقت من رواية الكاتب الفلسطيني إميل حبيبي "الوقائع العجيبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل" حيث عملت المسرحة على إخراج العمل من إطاره الروائي ذي الصبغة الحكائية المحض، وتحميله بخصائص درامية جعلته قابلا للتشخيص، حيث تم حذف عنصر الرواية والاستعاضة عنه ببناء مجموعة من المشاهد المرئية التي تغني عن الحكي الكلامي، أو عن طريق اللجوء إلى الغناء والإنشاد باعتبارهما خاصيتين دراميتين تعوضان خطية الحكي التي قد تؤدي لا محالة إلى السقوط في الملل، وظل مضمون الرواية مصونا بحذافيره عن طريق الحضور المكثف لشخصية أبي سعيد المتشائل، وهو حضور جمع بين عناصر الحكاية، وحفظ العمل المسرحي من كل شرخ أو تفكك محتملين، إذ كانت ـ أي شخصية المتشائل ـ هي الرابط الأساس بين المشاهد ومتواليات الحكاية، أي أنها كانت رابطا دلاليا وتقنيا في الآن نفسه، وبذلك استطاعت المسرحة أن تنظم عناصر الفرجة بتذويب النص الروائي، وشحنه بالشحنة الدرامية التي جعلت منه نصا مسرحيا محضا.
كما أن هناك من التجارب ما لجأ إلى مسرحة الشعر، وهو الاشتغال الغالب في الكثير من مسرحيات الهواة، كتجربة جمعية اللقاء من أصيلا التي تميزت أعمالها المسرحية بكونها كلها أعمالا ممسرحة لنصوص أدبية قدمتها في شكل أبجديات كان آخرها "أبجدية الاحتراق" التي اشتغلت على مجموعة من النصوص الشعرية المغربية والعربية، وعلى بعض المجاميع القصصية أيضا، وتجربة جمعية البلاغ من سلا التي قدمت عرضا مسرحيا عبارة عن تركيب شعري بعنوان "شعراء لا يتبعهم الغاوون".
لكن من التجارب المسرحية اللافتة التي عملت على مسرحة النص الشعري التي يجدر التوقف عندها هي مسرحية "كانا ينمنما" لمحترف "ميماج" من آسفي، التي اشتغلت على أشعار باللغة العربية الفصحى من ديوان "سقط سهوا" للشاعر حسن نجمي، وأشعار بالعامية من ديوان "حروف الكف" للزجال مراد القادري، ثم أشعار باللغة الفرنسية من ديوان "Parole" للشاعر الفرنسي جاك بريفير J.Prévert وبدا العمل المسرحي في كليته كأنه كولاج شعري يصنع له الإخراج بوتقة درامية ينصهر فيها، جاءت في شكل لوحات تعبيرية تتقاطع عندها مقاطع شعرية من الدواوين الثلاثة بتراتبية تخضع للتصور الإخراجي، وبتشكيلات جسدية متنوعة تحاول أن تكون المعادل البصري للعبارة الشعرية المشحونة بالمجازات والإيحاءات الرمزية، فيغدو العمل المسرحي في كليته عبارة عن تحليق في العوالم الشعرية لكن بضوابط درامية تختزل العبارة الشعرية بجعلها مجرد حوار مسرحي يسهم في تنامي لحظات العرض في محاولة دؤوبة للانفصال عن أدبية الشعري والانخراط في درامية المسرحي.
وتجدر الإشارة إلى أن المسرحة Théâtralisation هي في جوهرها شكل آخر من أشكال الإعداد الدراماتورجي كما سبق تحديده، لكنها تتميز بخصوصية الاشتغال على مواد نصية يحضر فيها العنصر الأدبي بقوة، لم تكتب للمسرح في الأصل.
في نهاية حديثنا عن الكتابة الدرامية بوصفها مظهرا من مظاهر الاهتمام الجمالي في المسرح المغربي الهاوي، نرى من المفيد إثارة بعض الملاحظات المتعلقة بأسس هذه الكتابة المسرحية، في مقدمتها أنها كتابة لا تهتم بالتقديم المباشر للحكاية أو الأحداث التي يقوم عليها مضمون النص، أي أنها غير منشغلة بالتقديم المباشر والجاهز للمعنى بقدر ما تسعى إلى ترسيخ أسس جمالية تتعلق بفنية الكتابة الدرامية وتقنيتها، ذلك أننا نلمس قصدية واضحة في هدم السير الطبيعي للحكاية والأحداث، وقطع الامتداد الخطي المنتظم للمعنى، بواسطة التورية الإيحائية والتجزيء / التفكيك المقصود والمتعدد الذي يفترض توليفا ضروريا في ذهن المتلقي.
ومن الملاحظات الأخرى التي تثيرها أشكال الكتابة الدرامية المغربية أنها تقوم على استحضار الخشبة في عملية الإنجاز النصي سواء على مستوى التأليف الخالص أو على مستوى الإعداد والمسرحة، بمعنى أنها كتابة درامية تقف وراءها معرفة عميقة بالخشبة وخصائصها واشتراطاتها، وهي بذلك كتابة درامية تقوم على وعي مسبق بأسس الكتابة الركحية أيضا. ومادام الأمر كذلك، فإن الأسس الجديدة للكتابة الدرامية تنتصر لمقولة المخرج ـ المؤلف، وتعطي موقعا للدراماتورج ودوره في بناء العرض وتهييئه بشكل قبلي عن طريق إعداد النص إعدادا دراماتورجيا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش والإحالات:
(1) المنيعي (حسن): هنا المسرح العربي هنا بعض تجلياته، منشورات السفير، مكناس 1990، ص 81.
(2) يوسفي (حسن):من المحاكاة إلى التمسرح: قراءة في مسار النص المسرحي بالمغرب، مجلة الثقافة المغربية، العدد الثامن (ملف المسرح المغربي)، ماي 1999، ص15 .
(3) اعبابو (عبد القادر): مخرجا وكاتبا وممثلا مسرحيا، شهادة بمجلة الثقافة المغربية، العدد الثامن (ملف المسرح المغربي)، م.س، ص 146.
(4) ميوكاروفسكي (يان): حول الوضع الراهن لنظرية المسرح، ضمن كتاب: سيمياء براغ للمسرح (عدد من المؤلفين)، ت: أدمير كورية، منشورات وزارة الثقافة السورية، سلسلة دراسات نقدية عالمية، دمشق 1997، ص 45.
(5) نفسه ص 46 ـ47 .

ملحق خاص بالمسرحيات التي تم الاشتغال عليها:
ليلة بيضاء الزيتوني بوسرحان جمعية اللواء البيضاوية الدار البيضاء 1987.
لعب الدراري معدة عن مسرحية "ليلة القتلة" لخوسي ترييانا الزيتوني بوسرحان جمعية اللواء البيضاوية الدار البيضاء 1993.
شهرزار معدة عن مسرحية الملوك الثلاثة لممدوح عدوان مولاي الحسن الإدريسي جمعية الشعاع تارودانت 1993.
أونامير المسكيني الصغير عبد القادر اعبابو أنوار سوس أكادير 1996.
المتشائل معدة عن رواية الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل لإميل حبيبي عبد العزيز البوزاوي وعبد الهادي توهراش ورشة الإبداع دراما(أنجزت في البداية باسم جمعية الضياء) مراكش 1991.
كانا ينمنما تركيب شعري من إعداد أحمد الفطناسي ميماج آسفي 1999 ******

عن موقع الفوانيس المسرحية
*******************
الصورة عن مسرحية (رحلة ابن دانيال)
من تأليف المغربي/ المسكين الصغير
اخراج المغربي/ يحيى العزاوي
إنتاج/ المسرح الحـــــر
طرابلس - ليبيا